كان لا بد ان يرحل رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، حتى يهل هلال شوال يحمل الينا العيد، الذي يحمل دوما في اعطافه تداعيات روحية، تأتي دوما مكملة لما كان عليه رمضان من صوم وتهجد ودعاء وعودة ومقاربة والتصاق بالخالق، وكان هذا الشهر العزيز الذي يغيب عنا عاما كاملا، انما يعود الينا كي يذكرنا بعظمة الخالق من جهة، وضعف الانسان المخلوق من جهة اخرى، عندها يلح اللجوء وتتداعى العبادة ويطفو فوق السطح واضحا بينا النداء الذي يحمل كل معاني الاستجداء وطلب الغوث والرحمة والمغفرة والعون نداء يا الله التي صاغتها لغة الدعاء اللهم هذا النداء الذي يملأ فضاءات الليل والنهار من ارواح ملهوفة وقلوب صادقة تطلب الرحمة.
ولقد قيل.. ان لرمضان وحشة، ولكن قيل ايضا ان للعيد بهجة، كل هذا الذي قيل، قيل في ازمان مضت فهل ما يزال مقول هذا القول على حاله، هل ما زالت تلك الاجواء التي عبقت بها صباحات ومساءات رمضان كما كانت عليه، ام ان قضايا الفقر والحاجة وتداعي لحمة المجتمع وتراجع مفاهيم التكافل وانحسار مشاعر المشاركة، وغياب التضامن التي كانت تجسد اهداف صيام رمضان، جعل من صوم رمضان عملا فقد المعنى وغابت عنه الروح، حتى اضحى الجوع فيه جوعان، جوع عن طعام وجوع عن قيم الانسانية التي سعى الاسلام لبنائها على اسس من تكافل اجتماعي يدين الشبع حين يكون الجار جائعا بغض النظر عن ملته او قربته؟.
لقد كانت الاعياد في فقه العقيدة الاسلامية، وسائل كما هي كل العبادات في هذه العقيدة، وسائل تجسد نظم القيم التي ارادتها العقيدة ان تحكم حياة الناس، والفطر السعيد او الاضحى يقعان كل في حضن عبادة ذات مرتبة متقدمة في تصنيف العمل يأتيه الانسان لله لكنه كان بداية لاجله هو، وكان يجب بالتالي ان يكون هو المستفيد من هذا العمل فالله تعالى لا حاجة به لأي من عباداتنا او اعمالنا، هكذا كان ان تفقد العبادة روحها ايا كانت اذا ما لم تحقق هذا الهدف، العيد.. أي عيد.. يحب ان يحقق هدف نظم القيم التي ارادتها العقيدة، نثر المحبة والتواصل والتكافل والتعاضد بين ابناء المجتمع كافة.. فهل يفعل هذا العيد بما جاء عليه وكان عليه.
تبقى واصلة العقد، هذا الذي عشناه عن امتداد شهر الصوم من قضايا مست حياة الناس، لكنهم قدروا عليها وصمدوا في وجهها الى ان وصلوا الى يوم العيد الذي اشرقت اليوم شمسه، وعبقت اجواؤها بـ كل عام وانتم بخير بكل ما تحمله هذه العبارة من دلالة، هو الخير تتمناه القلوب وتتطلع اليه الانفس ليس لذاتها ولكن لكل اولئك الذين يشاركونها نرحها قبل فرحها، وحزنها قبل مسرتها، وعسرها قبل يسرها، ان اجمل العيد يسكن هذه القلوب البسيطة التي صامت رمضان حقا، فاستحقت نداء العيد حقا، كل عام وانتم بخير نقول من قلب صادق، نسأل الله تعالى ان يجعله عيد خير على قيادتنا وشعبنا وأمتنا، خير يعم حتى يجعل عيدنا القادم على حال نكون فيه افضل من عيدنا الراحل.
عيد مبارك كل عام وانتم اخواني واخواتي في المنتدى بالف خير اخوكم فيصل