نور الهدى المشرف على المنتدى
عدد الرسائل : 1321 العمر : 46 بطاقة خاصة عنك : من بلد عربي تاريخ التسجيل : 05/12/2008
| موضوع: قسوة الـقـــــــلــــب الأحد يناير 10, 2010 8:41 pm | |
| الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه اجمعين "
قال الله تعالى
" فَوَیْلٌ لِّلْقَاسِیَةِ قُلُوبُ?ُم مِّن ذِكْرِ اللَّه "
قال الإمام العلامة الحافظ
زين الدين بن الشيخ أبو العباس أحمد بن رجب الحنبلي – رحمه الله – :
رسالة في ذم قسوة القلب ، وذكرِ أسبابها ، وما تَؤول به .
اولا : ذم قسوة القلب
قال تعالى :
{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَ?ِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}
ثم بين وجه كونها أشد قسوة بقوله تعالى :
{ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا یَتَفَجَّرُ مِنْه الأَنْ?َارُ وَإِنَّ مِنْ?َا لَمَا یَشَّقَّقُ فَیَخْرُجُ مِنْه الْمَاء
وَإِنَّ مِنْ?َا لَمَا یَ?ْبِطُ مِنْ خَشْیَةِ اللّه}البقرة : ٧٤
وقال تعالى :
{أَلَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُ?ُمْ لِذِكْرِ اللَّه وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا یَكُونُوا
كَالَّذِینَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَیْ?ِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُ?ُمْ} الحديد : ١٦ ،
وقال تعالى :
{فَوَیْلٌ لِّلْقَاسِیَةِ قُلُوبُ?ُم مِّن ذِكْرِ اللَّه أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِینٍ} الزمر : ٢٢ ،
فوصف أهل الكتاب بالقسوة ، ونهانا عن التشبه بهم .
قال بعض السلف : لا يكون أشد قسوة من صاحب الكتاب إذا قسا .
ومن حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوةٌ للقلب ،
وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي )). رواه الترمذى
وذكره ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي داوود النخعي الكذَّاب ،
عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أنس وقال مالك بن دينار :
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب . ذكره عبدالله بن أحمد في الزهد .
وقال حذيفة المرعشي : ما أُصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه . رواه أبو نعيم .
ثانيأ :اسباب القسوة
وهى كثيرة منها ..
1- كثرة الكلام بغير ذكر الله :
ومن حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغيرذكر الله قسوةٌ للقلب ، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي )). رواه الترمذى
2- نقض العهد مع الله تعالى
قال تعالى : { فَبِمَا نَقْضِ?ِم مِّیثَاقَ?ُمْ لَعنَّا?ُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَ?ُمْ قَاسِیَةً} المائدة : ١٣
قال ابن عقيل يوماً في وعظه : يا من يجد من قلبه قسوة ! احذر أن تكون نقضت عهداً !
فإن الله يقول : { فَبِمَا نَقْضِ?ِم مِّیثَاقَ?ُمْ ..} الآية .
3- كثرةُ الضحك :
ففي الترمذي عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( لا تُكثروا الضحك ، فإن كثرة الضحك تُميت القلب )) ، صحيح ابن ماجه -
4- كثرةُ الأكل ، ولا سيما إن كان من الشُّبهات أو الحرام :
وقال الفضيل بن عياض : خصلتان يقسيان القلب : كثرة الكلام وكثرة الأكل .
وذكر الم روذي في كتاب الورع قال : قلتُ لأبي عبدالله – عن أحمد بن حنبل – :
يجد الرجل من قلبه رّقة وهو شبع ؟ قال : ما أرى .
5- كثرة الذنوب :
قال تعالى : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِ?ِم مَّا كَانُوا یَكْسِبُونَ } المطففين : ١٤
فعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه
، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه :
{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِ?ِم مَّا كَانُوا یَكْسِبُونَ} )). قال الترمذي : صحيح .
قال بعض السلف : البدن إذا عري رقَّ ، وكذلك القلب إذا قّلت
خطاياه أسرعت دمعته .
وفي هذا المعنى يقول ابن المبارك – رحمه الله – :
رأيتُ الذنوب تُميت القلوب *** ويورثك الذُلَّ إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها
وأ ما مزيلاتُ القسوة فمتعددة أيضاً :
1- كثرةُ ذكر الله الذي يتواطأ عليه القلب واللسان
قال المعلَّى بنزياد : إن رجلاً قال للحسن : يا أبا سعيد ، أشكو إليك قسوة قلبي ؟
قال : أدنه من الذكر .
وقال وهب بن الورد : نظرنا في هذا الحديث ، فلم نجد شيئاً أرق لهذه القلوب ، ولا أشد استجلاباً للحق؛ من قراءة القرآن لمن تدبره .
وقال يحيى بن معاذ : وإبراهيم الخواص : دواء القلب خمسة أشياء :
قراءة القرآن بالتفكر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع عند السحر ، ومجالسة الصالحين .
والأصل في إزالة قسوة القلب بالذكر؛
قوله تعالى :
{ الَّذِینَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُ?ُم بِذِكْرِ اللّه أَلاَ بِذِكْرِ اللّه تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد : ٢٨
وقال تعالى :
{أَلَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُ?ُمْ لِذِكْرِ اللَّه وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} الحديد : ١٦
2-الإحسان إلى اليتامى والمساكين :
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه ؟
فقال : (( أتحب أن يلين قلبُك ؟ ))
فقال له : نعم .
فقال : (( ادن اليتيم منك وامسح رأسه ، وأطعمه من طعامك ، فإن ذلك يلين قلبك ،
وتقدر على حاجتك )). رواه الطبراني وقال الألباني حسن لغيره . انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/676
3- كثرة ذكر الموت :
ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده ، عن منصور بن عبدالرحمن ، عن صفية :
أن امرأة أتت عائشة تشكو إليها القسوة ؟
فقالت : أكثري ذكر الموت؛ يرّق قلبك ، وتقدرين على حاجتك .
قالت : ففعلت ، فأنستْ من قلبها رشداً فجاءت تشكر لعائشة رضي الله عنها .
وكان غير واحد من السلف منهم : سعيد بن جبير ، وربيع بن أبيراشد ،
يقولون : لو فارق ذكر الموت قلوبنا ساعة لفسدت قلوبنا .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أكثروا ذكر هاذم الّلذات )) سنن الترمذى
4- زيارة القبور والتفكر في حال أهلها ومصيرهم :
وقد سبق قول أحمد للذي سأله ما يرقُّ قلبي ؟ قال : ادخل المقبرة ! .
وعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( زوروا القبور فإنها تُذكِّر الموت )). رواه مسلم
وعن بريدة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنَّها تذكر الآخرة )) رواه أحمد ، والترمذي وصححه
وعن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ، ثم بدا لي أنَّه تُرقُّ القلب ، وتُدمع العين ،
وتُذكر الآخرة ، فزوروها ولا تقولوا هجرا )) رواه الإمام أحمد ، وابن أبي الدنيا .
5-النظر في ديار الهالكين ، والاعتبار بمنازل الغابرين:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( زوروا القبور فإنها تذكر الموت " ومنها : النظر في ديار الهالكين والاعتبار بمنازل الغابرين)) رواه مسلم
روى ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار بإسناده : عن عمربن سليم الباهلي ،
عن أبي الوليد أنه قال : كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه؛ يأتي الَخربة فيقف على
بابها ، فينادي بصوت حزين فيقول :أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول : كلُّ شيء هالك إلا وجهه !! .
وروى في كتاب القبور بإسناده : عن محمد بن قدامة قال :
كان الربيع بن خَُثيم إذا وجد من قلبه قسوةً يأتي منزل صديق له قد مات في
الليل فينادي : يا فلان بن فلان ، يا فلان بن فلان . ثم يقول : ليت شعري !!
ما فعلَت وما فُعل بك ؟ ثم يبكي حتى تسيل دموعه ، فُيعرف ذلك فيه إلى مثلها
6- أكلُ الحلال :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين،
فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51].
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 127].
ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب!
ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟" [رواه مسلم].
وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله – "والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة". | |
|